زيارة مديرة صندوق النقد.. مصر تسعى للدخول من “الباب الموارب”

أكد صندوق النقد الدولي، أمس، أن السلطات المصرية تتعامل مع تحديات عدة داخلية وخارجية، تفرض عليها المضي قدمًا في برنامج الإصلاح الاقتصادي، تجنبًا لارتفاع فاتورة الإصلاح التي تتحملها الفئات الأضعف من الشعب، لكن الصندوق فتح الباب لإمكانية تعديل البرنامج في ضوء متغيرات الساحة الإقليمية.

وقالت المديرة العامة لصندوق النقد كريستالينا جورجييفا، خلال إحاطة ضمن الاجتماعات السنوية للصندوق والبنك الدولي، أمس، إنها منفتحة على تعديل برنامج الإصلاح المتفق عليه مع مصر، واستدركت بالقول لكن الصندوق لا يمكنه القيام بعمله على النحو اللائق إذا تم التخلي عما يجب القيام به لأن هذا سيجعل التكلفة أعلى.

وأقدمت الحكومة المصرية هذا الشهر ضمن التزامها ببرنامج الإصلاح بإقرار زيادة لأسعار الوقود تتراوح بين 10 و17.4%، وذلك للمرة الثالثة على التوالي هذا العام، الأمر الذي من المتوقع أن يدفع معدلات التضخم لتجاوز عتبة الـ30% خلال الفترة المقبلة، وفقا لعضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع، محمد أنيس.

وأضاف أنيس في تصريح لـ”تليجراف مصر” أن الحكومة التزمت بتنفيذ بنود برنامج الصندوق رغم أن بعضها ترتب عليه فاتورة ثقيلة اجتماعيا كرفع سعر رغيف الخبز المدعم وأسعار المحروقات والكهرباء، وهذا الالتزام يأتي وسط بيئة خارجية معقدة تفرض على مصر تحديات خارجة عن إرادتها مثل تداعيات توترات البحر الأحمر التي أدت إلى تراجع إيرادات قناة السويس بأكثر من 50%.

وأفادت مديرة الصندوق بأنها ستزور مصر خلال 10 أيام للوقوف على تطورات الأوضاع عن كثب، مضيفة أن مصر ستكون في وضع أفضل إذا تم تنفيذ الإصلاحات عاجلاً وليس آجلا، في إشارة إلى ضرورة الالتزام ببنود برنامج الإصلاح التي لم تستكمل، وأبرزها الانتهاء من إعداد خطة إعادة رسملة البنك المركزي ونشر عمليات التدقيق السنوية على الحسابات المالية التي يصدرها الجهاز المركزي للمحاسبات وتسريع وتيرة برنامج الطروحات.

هذه الزيارة المرتقبة لمديرة الصندوق تأتي بعد أيام فقط من تصريح للرئيس عبدالفتاح السيسي، أكد خلاله ضرورة مراجعة الاتفاق مع إدارة صندوق النقد، إذا كان سيضع المواطن في وضع لا يحتمل، إذ من الضروري أن تضع المؤسسة الدولية في عين الاعتبار أن البرنامج يأتي في ظل ظروف شديدة الصعوبة.

وتابع أنيس: في ظل استمرار التوترات الراهنة في الشرق الأوسط، من المتوقع أن يبدي صندوق النقد مرونة أكثر لاحتواء التحديات التي تتعامل معها السلطات المصرية، على غرار ما حدث في أغسطس الماضي، عندما أقدم على تعديل الجدول الزمني لبعض الإصلاحات ليصبح أكثر قابلية للتنفيذ، وفي هذا الإطار جرى الاتفاق على الالتزام بالوصول بأسعار البنزين والسولار إلى مستويات استرداد التكلفة بحلول نهاية 2025، مع إمكانية الاستغناء عن بعض الزيادات الفصلية.

من جانبه، رأى الخبير المصرفي هاني العراقي، أن بعض إجراءات الإصلاح المالي التي ينص عليها برنامج الصندوق تثقل كاهل شريحة عريضة من المواطنين، على سبيل المثال، الصندوق يقدم توصية دائمة للدول المقترضة بخفض الدعم، وفي حالة مصر هذا فرض سلسلة زيادات لأسعار غالبية الخدمات، الأمر الذي يضغط على القدرة الشرائية للمواطن.

وأضاف أن هذه الزيادت المتكررة للبنزين والكهرباء وغيره، ستبقي معدلات التضخم مرتفعة لفترة أطول، ومن جهة أخرى ستفرض الحاجة للإبقاء على معدلات الفائدة المرتفعة على نحو يضغط على معدلات النمو الاقتصادي ويزيد أعباء الديون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *